عيون الليل
الإنتساب : 19/03/2009 المشاركات : 20 المدينة : الــشــرقـيـة الهواية : الـمهنة : المزاج : الجنس : السٌّمعَة : 7 نـــقـاط : 5794 احترام قوانيين المنتدى : دولـــتـي : الــعـلــم : جنسيتي : الاوسمة :
| موضوع: حب الوطن وصدق الانتماء إليه_نظرة شرعية_الجزء الأول الجمعة 14 أكتوبر 2011, 4:38 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حب الوطن وصدق الانتماء إليه نظرة شرعية الجزء الاول الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واتبع هداه إلى يوم الدين أما بعد :
موضوع مهم بل ومهم جداً ألا وهو ( حب الوطن وصدق الانتماء إليه ـ نظرة شرعية ـ ) ذلك أنه مع تتابع الأحداث وتراكمها.. وأصحاب الأفكار الضالة وما صاحب ذلك من تخطيط لهذه الاعتداءات الآثمة التي عبثت بأمن ومقدرات الوطن ومكتسباته ... نجد أننا بحاجة إلى التحدث عن هذا الموضوع والتعمق فيه , وإعادة صياغة الخطاب المتعلق بالوطن والمواطنة .. ويبين مدى حاجتنا إلى توضيح هذه المفاهيم وتأصيلها وغرسها في نفوس الناشئة من أبنائنا وبناتنا بخاصة .. من منطلق إيماني , ووفق الضوابط الشرعية .
1ـ المراد بالوطن :
الوطن : هو مكان الإنسان ومقره ..
والمواطن : هو الذي يتمتع بكامل الحقوق الإنسانية والمدنية في الدولة التي ينتمي إليها ..
والوطني : نسبة إلى الوطن الذي يخلص الود لوطنه ..
فالوطن هو : مولد الإنسان , ومنشأه , والبلد الذي هو به .. وإليه انتماؤه ..
ونقصد بالوطن هنا : موطن الإنسان الخاص أي بلده , الذي به ولد ونشأ .. أو نشأ فقط . . وحصل على جنسيته ...
والمقصود في هذا المقام المملكة العربية السعودية . .
2ـ الأدلة على حب الوطن :ـ
حب الوطن من الفطرة التي فطر الله الناس عليها . .
والأدلة على حب الوطن كثيرة , ومتواترة .. نسوق بعضاً منها :
يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) قاصداً مسقط رأسه مكة المكرمة: (( ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك )) صحح هذا الحديث الألباني في صحيح الجامع .
وروى أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدران المدينة أوضع ناقته إن كان على دابة حركها من جهتها ) ..
وقال أعرابي إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر إلى تحننه إلى أوطانه ) ..
وقال الجاحظ قال بعض العجم :من علامات الرشد أن تكون النفس إلى مولدها مشتاقة , وإلى مسقط رأسها تواقة .. ) أ.هـ .
إن حب الوطن أمر لا غضاضة فيه , بل إن المرء حين لا يحن أولا يحب وطنه , ومجمع أهله وأسرته وعشيرته , ومقطع سرته , ومأوى قومه ومدرجهم .. فهو في نظري إمرأ غير سوي في فطرته ... فمن لا خير فيه لوطنه .. فلا أضن أن فيه خير لأهل ديانته ..
3ـ معنى الولاء والانتماء للوطن :
ونحن نتحدث عن ولاء الإنسان لوطنه , وانتمائه إليه . . قد يشكل على البعض المراد بهذه الألفاظ أو المصطلحات هنا فنقول : الولاء والحب أولاً وقبل كل شيء لله سبحانه وتعالى ثم بعد ذلك تأتي الاعتبارات الأخرى بما لا يتعارض مع الاعتبار الأول أو يناقضه ومن ثم فأنني أعني
بالولاء هنا : محبة الوطن ونصرته والذود عنه , وطاعة ولاة أمره بالمعروف . . وطاعته بالمعروف . .
أما الانتماء : فأعني به الانتساب الحقيقي للوطن . . رغبة منه في ذك واعتزازاً بالانضمام إليه , والتضحية من أجله وفق الضوابط الشرعية . . تضحية نابعة من شعوره بحب ذلك الوطن وقاطنيه . .
فمفهوم الانتماء يعني : السلوك والعمل الجاد الدؤوب من أجل الوطن , والتفاعل مع أفراد المجتمع من أجل الصالح العام . .
فالشريعة الإسلامية لا تنكر انتماء الإنسان إلى أرضه , أو قبيلته أو مجتمعه , لأن هذا من الأمور السابقة عليه , ورثها من غيره , ولا خيار له فيها . . فالذي يولد في أرض السعودية لاشك هو سعودي . . وهكذا غير من ولد في غير أرض السعودية كالمصري والباكستاني والهندي واليمني والسوري . . فهم مصريون وباكستانيون وهنود ويمانيون , وسوريون . . . فرابطة الإسلام وعقيدته أولاً , ثم بعد ذلك يأتي الانتماءات الأخرى كالانتماء للأسرة , والقبيلة أو العشيرة والمجتمع , والوطن . . وهكذا . .
فالمواطن السعودي بناءً على ذلك وجدانه وعاطفته وانتماؤه إنما يكون إلى كل ما هو سعودي شرقاً وغرباً , شمالاً وجنوباً . .
4ـ حب الوطن لا يتعارض مع الانتماء العام للأمة الإسلامية:
فهو لا يتعارض مع قوله (صلى الله عليه وسلم) ، ( ليس منا من دعا إلى عصبية , وليس منا من قاتل على عصبية , وليس منا من مات على عصبية )) وقوله تعالى : ﴿ إنما المؤمنون أخوة ﴾ الأحزاب / 44 , وقوله (صلى الله عليه وسلم) ( المسلم أخو المسلم )) وغيرها من الآيات والأحاديث في هذا المعنى ..
ولسنا ندعو إلى أن يكون ولاء المواطن لوطنه ليس إلا .. ويترك ولاءه وانتماءه لدينه وإسلامه , وأن ينسلخ من هويته الإسلامية .. معاذ الله ؟!! بل نقول : لا تعارض بين هذا وذاك .. فيبقى حب الوطن والدفاع عنه فطرياً طالما أن هذا الوطن جزء من كيان الوطن الإسلامي من غير انسلاخ من الهوية الإسلامية أو الدعوة ـ عياذاً بالله ـ إلى العصبية القبلية أو القومية للوطن ليس إلا ..؟
ولا نتغنى بالوطن والوطنية ونقيم على أساسها الولاء والبراء وننسى عقيدة الإسلام ورابطة الإسلام وأخوة الإسلام ؛ فالعبادة لله وحده خالصة فهو خالقنا جميعاً , خلق الإنسان وأوجد له وطناً وبلداً وحببه إليه .. فحب الوطن جزء من فطرة الإنسان ولكل نوع مجاله , ومحبته ووده وتقديره ..
إذاً الإسلام والوطنية ممتزجان .. فهي لا تخالفه ولا تحيد عنه , إنما هي بمثابة الفرع عن الأصل .. فالمخل بشيء من لازم الوطنية إنما ذلك نتيجة لضعف التزامه الديني , وانحرافه الفطري ..
وهذه الوطنية بانبثاقها من الإسلام فإنها لا تمثل تعالياً على الآخرين من غير المواطنين أو أبناء الدول الإسلامية الأخرى .. ولا انقطاعاً عن المسلمين وعن أمة الإسلام .. ولا نريد أن نجعل منها شعاراً نرفعه لتكون شريكاً للإسلام أو نداً له , أو مقدماً عليه .. ؟
إن هذه الوطنية منبعها واستمدادها من الدين , ولذلك تحمل أبناء هذا الوطن مسؤولية كبرى تجاه وطنهم وإخوانهم المسلمين في شتى بقاع العالم ولاءً وتعاطفاً مع إخوانهم , واهتماماً , بمصالحهم , ومشاركتهم شؤونهم وشجونهم ..
وعليه فإن الانتماء للوطن انتماء خاص وولاء خاص بحكم الشرع أولاً ثم بحكم الفطرة وسنن الله في الخلق , فالوطن الخاص وأهل جزء من كيان الأمة الإسلامية ومحبته والولاء له , والانتماء إليه مما تقتضيه الضرورة وتدعو إليه الفطرة ..
ثم كيف لا يحب الإنسان وطنه ويتعلق به قلبه وقد نشأ فيه جسده وترعرع .. ومن أرضه أكل .. ومن مائه شرب .. ومن هوائه تنفس .. ومن خيراته تنعم ... وفيه عبدالله . . وعلى ترابه سجد له ...؟!!
كيف لايحب الإنسان وطنه وهو يعي ويعلم يقيناً أن سلامة الأبدان , والأمن في الأوطان من أجلّ النعم المغبون فيها كثير من الناس .. ؟ !!
كيف لايحب الإنسان وطنه .. وله ولاؤه .. وإليه انتماؤه ..
يقول تعالى :﴿ فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم .. ﴾ آل عمران /195 .. فالإخراج من الديار أي ( الأوطان ) من حقهم القتال في سبيل ذلك .. كي يستردوا ديارهم التي أخرجوا و طردوا منها من أيدي
المعتدين ..
بل إن الدفاع عن الأوطان سبب مشروع من أسباب الجهاد ونوع من أنواع الجهاد وهو ما يسمى بجهاد الدفع الذي يتولى تقديره والدعوة إليه ولي الأمر عندما تدعو الضرورة إليه . .
فالوطنية فطرة إنسانية معادلة للحياة , وفقدها موت يقول تعالى : ﴿ ألم تر إلى الذين أخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لايشكرون , وقاتلوا في سبيل الله وأعلموا أن الله سميع
عليم ﴾ البقرة / 243 .
فعودتهم إلى أوطانهم هو استخلاص لهم , وحياة لهم بعد ممات ..؟!!
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم مافعلوا إلا قليل منهم .. ﴾ الآية , النساء / 66 . .
والمسلم مطالب أن يقدم الأقرب فالأقرب رحماً وجواراً .. حتى إنه لم يجز له نقل الزكاة إلى مسافة أبعد من مسافة قصر إلا لحاجة شديدة أو ضرورة ؛ وذلك من باب إيثار الأقربين ؛ فالأقربون أولى بالمعروف ..
فهو مطالب أن يسد الثغرة التي هو فيها , ونشأ على أرضها .. ويدافع عنها وفق الضوابط الشرعية والأعراف المرعيةٍ ..
كما أن الشارع جعل النفي عن الوطن والتغريب عنه عقوبة شرعية كما في حد الزاني غير المحصن وذلك لما جبلت عليه النفوس من حب الوطن والتعلق به وكره مفارقته فكان قطع النفس عن ذلك عقوبة قاسية شرعها الله ردعاً للزاني وغيره ..
يتبع في الجزء الثاني _ ان شاء الله | |
|